كل البيوت تتعرض من حين الى أخر الى إحدى الخلافات الزوجية ( وليس ذلك عيباَ فى حد ذاته لكن المهم كيفية التعامل مع هذه الخلافات بطريقة صحيحة)
مثال: مشكلة أثيرت بين زوجين عندما طلب الزوج من زوجته أن تصاحبه فى الذهاب لخدمة بأحد القرى يوم الجمعة , الزوجة رفضت الذهاب معه للخدمة, وكان رد الزوج انه الزوج هو رأس للمرأة وعلى الزوجة أن تطيعه حتى تكون ف مشيئة الله(مستدلاَ على الآية 1كو3:11)
وهنا أجابت الزوجة إنها لا تشعر بقيادة الله لها للذهاب معه ويجب أن لا تفعل أمر دون أن تسأل الرب مثل داود فى( 1صم8:30 )ولم يستطيعا التوصل الى حل , فذهبا الى أحد الخدام الذى اقر انه يجب على الزوجة الذهاب مع زوجها للخدمة مستنداَ على الوصية(أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب اف22:5)وهكذا خرجا من لقاء الخادم على إن الزوجة عليها الذهاب للخدمة مع الزوج.
وبعد عدة أيام آتى الزوجان مرة أخرى للخادم بنفس المشكلة القديمة فالزوجة حاولت الذهاب مع الزوج للخدمة لكنها لم تستطيع الاستمرار ,وهم مرة أخرى يطلبون المشورة الروحية.ولكن فى هذه المرة لم يتعامل معهم الخادم كالمرة الأولى (عندما أعطى الحل مستنداَ على آية من الكتاب المقدس) بل إن الخادم هنا رفض أن يقدم لهم حل بعينه ولكن تحدث معهم عن أسلوب جديد فى التعامل مع مشاكلهم. وان الحل الذى يعطى لهم دون اقتناع منهم لن يأتي بالثمر المرجو منه حتى ولو انهم قد حاولوا السير به .وذلك لأنه يمثل وجهة نظر الخادم من نحو المشكلة ,وليس نابع من قناعة داخلية لهم.
وهنا اعترض الزوج قائلا أن العيب فى الزوجة لأنها لا تريد أن تخضع للأمر الكتابى فى هذه المشكلة,فبداء الخادم يوضح لهم أن الكتاب المقدس ليس أداة تستخدم لتحقيق رغباتي ( لان كل واحد منهم كان يبحث عن مخرج له من خلال الكتاب المقدس) وإنما هوالذى يشكل حياتنا وينموا بها لتكون على صورة الرب يسوع. ورفض الخادم أن يكون هناك حل معين يفرض على الاثنين ويعطى لهم.
لكن إن الأسلوب الأمثل لهم ينحصر فى محورين ,الأول وهو انهم فى احتياج الى حل يناسبهم معاَ وليس لطرف واحد فيهم وذلك لن يكون إلا باستعدادهم للانفتاح على بعض ومحاولة كل طرف تفهم الأخر جيدا. والمحور الثاني أن حياتهم الروحية فى احتياج الى النمو والنضوج و عندها سوف يكونوا قادرين على تمييز ما هو مناسب لهم وما هى مشيئة الله تجاههم.وهكذا تركا الخادم دون أن يقدم لهم حل بعينه وإنما منهج جديد لحياتهم.
– فى هذا المثل فى المرة الأولى لجا كلا الطرفين الى تدعيم رأيه أثناء النقاش بآيات أو معلومات من الكتاب المقدس .و قد يطلبا المساعدة من أحد الخدام , ويحاول كل منهما التأثير على الخادم حتى يكون فى صفه و يدعم رأيه من المشكلة, ونجد إن الخادم هو أيضا لجاء الى الكتاب المقدس ليستدل منه بالآيات التى تدعم رأيه فى علاج المشكلة ويقدمه الى الزوجين ( وهنا يجب عليهم قبوله لأنه من وجهة نظرهم هو رأى الله بالنسبة لهم).واختلف تماماَ الأسلوب فى المرة الثانية.
– ونحن هنا سوف نحاول إلقاء الضوء على كلا الأسلوبين محاولين الوصول الى الأسلوب الأمثل لدور الكتاب المقدس ودور الخدام فى علاج مشاكل الأسرة.
أولا الأسلوب القديم:
* دور الكتاب المقدس: هو وسيلة يستخدمه كل طرف ليدعم به رأيه, وغالباَ ما يكون الاستدلال من خلال آية منفصلة او حادثة كتابية . وقد يجد كل طرف منهم على حدة تدعيم لرأيه من الكتاب المقدس فى نفس الوقت الذى يجد فيه الطرف الأخر رأى اخر من الكتاب المقدس وربما يكون عكس الأول تماماَ.والكتاب المقدس هنا حائراَ بينهم لأبهم يستخدمونه على هواهم . ويصبح الحرف هو الأهم و ليس روح الكتاب ككل.
* دور الخادم: فى الواقع هنا هو صاحب القرار الذى يستمده من الكتاب المقدس.لأنه يعطى الحل للمشكلة ويقدمه للزوجين حتى يطبقوه.
* دور الزوجين: دور سلبى فهم هنا عليهم طاعة الرأي الذى أعطاه الخادم وبذلك يكسبوا رضى الله عنهم وينفذوه حتى وان كان كلاهما أو أحدهم غير مقتنع بهذا الحل.
* المشكلة: فى الظاهر تبدو أنها انتهت ولكن بعد فترة حاول فيها كل طرف أن يتبع نصيحة الخادم ولكنه فشل ,نجد آن المشكلة تعاود الظهور و غالباَ سوف تظل دون حل وسوف يعودان من جديد الى الخادم يطالبونه بحل جديد .
* صاحب المسئولية: هو هنا الخادم وليس الزوجان , و اذا حدثت أي مضاعفات للحل يتحمل الخادم المسئولية لأنه هو صاحب الحل.
* النمو الروحي للزوجين: هما لا ينموان روحياَ و سيظلا معتمدان على من يأتى لهم بالرأي والتوجيه لحياتهم , وبحسب الرسالة الى العبرانيين هم أطفال روحياَ ومازالوا فى احتياج الى طعام الأطفال ولا يستطيعوا أن يقبلوا طعام البالغين( عب12:5-14 )
ثانياً الأسلوب الجديد:
* دور الكتاب المقدس: هنا يجب علينا أن نغير من أسلوبنا وعلاقتنا مع كلمة الله لتأخذ البعد السليم الذى يقصده الله منها فالكتاب هنا هو كلمة الله الحية الفعالة التى تشكل الإنسان وتحرره, وهى هنا التى تغير من شكل الإنسان عن طريق تجديد ذهنه (رو2:12), والكتاب هنا ليس الحرف الذى يقتل بل الروح الذى يحيى.وليس السؤال ماذا تقول هذه الآية بل ماذا يقول الكتاب كله. ولا يصبح الكتاب وسيلة يستخدمها كل واحد كيفما أراد بل هو الذى يستخدم الإنسان لمجد الله.
* دور الخادم: هو الذى يساعد كلا الطرفان على النظر بصورة اعمق الى مشكلتهم حتى يمكنهم من النظر الى الموضوع من كافة زواياه , ومحاولة بدء إقامة حوار مفتوح بين كلا الطرفين,وكذلك تبصيرهم الى الأسلوب الأمثل للتعامل مع كلمة الله. ويبتعد تماماَ عن محاولات إعطاء حلول للمشاكل فلا يكون هو صاحب القرار ولا المسئول عن النتيجة بقدر ما يكون سبب لنموهم الروحي فهو السبيل الأمثل لعلاج مشاكلهم .
* دور الزوجين: إيجابي , فهم أصحاب القرار والمسئولية . وكل طرف منهم يسعى جاهداَ للتعرف على المشكلة من كل جوانبها طالباَ ليس ما يوافق نفسه بل الأخر . ويكون الحل نابع منهما معاَ وعن قناعة داخلية أن هذا هو الأسلوب الأمثل لحياتهم , هنا ليبحث كل منهما فى كلمة الله ليجد سند لرأيه بل يخضع كل كيانه لسلطة الكلمة التى تعيد تشكيل حياته, ولا يحاول آي منهما التأثير على الخادم ليستقطبه لجانبه لكن بالأولى يحاول أن يتفهم مشاعر ودوافع شريكه ويبحث مه عن الحل الذى يناسبهما معاَ وليس هو بمفرده.
* المشكلة: قد لا تحل فى الحال ولكن عندما يكتشف الاثنان الحل الذى يناسبهما معاَ لن نكون هناك أمور مختبئة تظهر فجأة على السطح بل هناك دائماَ جسور للحوار والمصارحة بين الزوجين تمكنهم من مواجهة المشاكل كوحدة واحدة وليس كأشخاص منفصلة.
* المسئولية: على الزوجين معاَ وليست على طرف واحد منهم أو على الخادم(لأن الحل نابع من قناعتهم الداخلية )
* النمو الروحي: سوف يكون الاثنان فى حالة نمو روحى مستمر وذاك بسبب علاقتهم المستمرة الصحيحة مع كلمة الله, التى سوف تقودهم لمواجهة المشاكل والتحديات بصورة اعمق خالية من الأنانية والأمراض النفسية وتعطيهم حكمة وبصيرة للتعامل مع كافة خلافاتهم.ولأنهم تحرروا من السلبية وابتدأ فى الاعتماد على النفس وتحمل المسئولية.
كلمة ختامية:
و الان ما هو قرارنا هل مازلنا نريد الحلول السهلة السريعة أم نقبل التحدي ونقدم الجهد و التضحية لتكون حلولنا عميقة ونابعة من اقتناع وتفهم .وهل مازلنا سطحيين فى التعامل مع كلمة الله أم نبداء فى دراسة الكلمة بعمق وليس لأى غرض لنا سوى معرفة اعمق بالرب.
الرب يبارك حياتكم
اشرف دانيال